الاثنين، 4 فبراير 2013

سفينة الحب

كتبهاHowaida ، في 10 يناير 2013 الساعة: 03:17 ص

تشرق الشمس على مدينة ساحلية, فى يوم من ايام الشتاء, فى شهر يناير شديد البرودة,  يتجمع الصيادون عند شاطئ المدينة, فى نشاط كالعادة, رغم كثرة الرياح, يرددون فى صوت واحد (الرزق يحب الخفية والرزاق هو الله)…
يعلو صوت شيخ الصيادين (عم غزال) رجل تعدى الخمسين من العمر, طويل القامة عريض المنكبين, اسمر اللون يكسو ملامح وجهه الصرامة والقوة, ويلتف بالشال الذى يتخفى به من شدة البرد: هيا هيا يارجال الرزق على الله….هيا اصعدوا على القوارب…
 وبالفعل يصعد الصيادون بسرعة الريح, ولايخالف احدٌ امرا, لان الجميع يهابونه, فهو كبيرهم…
وباشارة من يده, تبدأ القوارب فى السير فى اتجاهات مختلفة, كما اشار شيخ الصيادين, وفى مكان معين يقفون, ويرمى الصيادون الشباك فى وقت واحد, ويلَم الشباك الصيادون, ويرجعون بالخير الوفير, ويبتاعون ويرجعون كله برزقه الى بيته, ومن بينهم (عم غزال) يستقبله زوجته واولاده…
زوجة عم غزال سيدة متوسطة الطول, وسمينة بعض الشئ فى حجمها, وهى تشبه (عم غزال) فى الوجه الاسمر والصرامة, ولديهم من الاولاد… فتاة  اسمها (قمر) فى سن الصبا, رغم انها ترث من والديها سمار البشرة, لكنها تتميز برقة الملامح والاحساس, وتناسق القوام, وينسدل على كتفيها شعر فى نعومة الحرير, وسواد الليل, ومن صفاتها الحسنة حنونة على والديها, وكان والدها يقول بأنه سيُزوَجها احسن شاب فى العيلة, وسيُحضر لها احسن جهاز, لأحلى (قمر), فكانت تزيد من دلالها, وتشترط أن يكون الجهاز من مدينة غير مدينة الصيادين… ولها اخت تصغرها بسنوات, مازالت فى عمر الزهور, ويكبرها اخ بسنوات, كثير الشبه بأبيه فى الملامح والصفات الجدية والحزم, ولا يحب مهنة الصيد فهو يهاب البحر, وفضَل أن يعمل عمل مختلف عن أبيه, ففتح مقهى للصيادين, وتساعده زوجته ابنة عمه, ولهما طفلة صغيرة (الصيادون لهم العادات والتقاليد الخاصة بهم )
والصيادين هم ابناء عموم واخلاء, منهم من يعمل بصُنع القوارب, ومنهم من يعمل فى صُنع الشباك, التى يصتادون بها, ولا يدخل بينهم غريب مهما كان, ويبتاعون السمك على الطرق السريعة…
اعتادت ابنة عم غزال (قمر) ان تذهب الى اخيها فى المقهى, بالحلويات التى تصنعها وتجيدها, فكانت تذهب مع قريناتها الى الشاطئ القريب من المقهى, لتلهو وتلعب معهم, ويتبادلوا النكات والضحكات,  وفى المقهى يلتقون الصيادين, للترفيه عن انفسهم, ومن رواد المقهى (حسين) ابن خالتها, شاب قوى البنيان, مفتول العضلات, يتميز بابتسامة تملأ وجه الصبوح, يحبه الجميع, لشهامته المعهودة مع الجميع, وكان ينظر الى (قمر) من بعيد, وسبق وطلب الزواج من (قمر) ووعده (عم غزال) بأن يزوَجها له فى الصيف القادم, حتى يكون قد اتم بناء البيت الخاص بالعروسين, ولكن كان ل(قمر) رأى اخر لعدم رغبتها فى الزواج من بيئتها, تُريد أن ترى حياة اخرى, فى مكان اخر, وهى تحلم بأن يأخذها فتى احلامها الى حياة المدن الواسعة, ولبس اخر, وعمل اخر…
وفى يوم من الايام, راحت تُحدَث أمها فى عدم رغبتها فى الزواج من (حسين) ابن خالتها, فنهرتها أمها, وحذَرتها من تكرار الحديث فى هذا الأمر مرة أخرى, وإلا سوف تلقى من أبيها ما لايُرضيها…
 وفى يوم قرر (عم غزال) الخروج بمركب كبير, ويصتحب معه (حسين) و(قمر) ليُحضر لهم الجهاز الخاص ببيت الزوجية, فرحت (قمر) بهذه الرحلة التى سوف تُمكَنها من رؤية مدينة اخرى غير ما تعيش فيها, وبالفعل جهَزت لهم زوجة (عم غزال) الطعام الذى يحتاجونه فى هذة الرحلة, وودَعهم الاهل, وشدوا الرحال, وسارت المركب بهم يوما كاملا, وكانت (قمر) تُجهَز لهم الطعام والحلوى, ويتناولوها, وكان (حسين) كلما اقترب من (قمر) تُحاول ان تتحاشاه, حتى وصلوا المدينة التى يرغبون الشراء منها…
وأثناء سيرهم فى الشوارع, كانت (قمر) فى حالة انبهار لما تراه من اشياء غريبة عنها, نساء ورجال يرتدون ملابس مختلفة عن ملابسهم, وسيارات مختلفة الاشكال والالوان, وكذلك مطاعم ومحلات وعمارات, وابوها يمسك يديها كأنها طفلة, اول مرة تتعلم السير, وقف (حسين) يشترى لهم ايس كريم ففرحت كالاطفال, وفى هذه الاثناء, وقفت سيارة ونزل منها شاب وفتاة, يرتدون ملابس مختلفة عن ملابس (قمر) وعرض الشاب على فتاته تناول الايس كريم, ووقفوا بجانب (قمر), واخذ ينظر الشاب الى (قمر) وهى الاخرى تنظر اليه فى انبهار, كإنها أول مرة ترى شاب امامها, وهنا لاحظ (حسين) هذه النظرات فطلب الانصراف, وهو يشتاط غيظا, فركب الشاب السيارة, واخذ يتتبع (قمر) من بعيد, حتى عرف مكانهم الى المركب الذى يبيتون فيه وانصرف…
ودخلت (قمر) الحجرة الصغيرة التى تنام فيها هى وابيها (عم غزال), اما (حسين) فكان يبيت على سطح المركب, ويلتف بالبطاطين, والجميع يغط فى النوم, فجأة شعرت (قمر) بمن يُوقظها فرأته الشاب الذى كان ينظر اليها!!!
 فطلب منها ان تصحبه فى هدوء, قبل ان يستيقظ احد ويراهم, وبالفعل تسللوا فى هدوء حتى خرجوا من المركب, واستقلوا السيارة, وهى فى حالة اندهاش مما فعلته, وألقى على مسامعها أحلى كلام تُحب أن تسمعه أى فتاة فى مثل سنها, عن جمالها ورقتها وشعرها, وهى الأخرى تغنت معه بكلمات كانت تحلم ان تتفوَه بها لفارس احلامها, ومن كثرة فرحها بهذا الشاب, شعرت ان الشجر والورود تتغنى لهم, ولم تشعر بسير السيارة, ولكنها كانت تشعر بأنها تطير مع هذا الشاب, ووصلوا الى منزل, فطلب منها الشاب ان تصعد معه الى المنزل, وبالفعل صعدت معه, وفجأة تحوَل هذا الشاب الى ذئب بشرى… فاخذت تصرخ وتقاومه بكل قوتها, وفجأة وجدت من ينقظها منه شاب اخر, يطرحه ارضا, ويلكمه لكمات قوية, وكان هذا الشاب هو (حسين) ابن خالتها فارتمت فى حضنه, وهى تشكره على انقاذها من هذا الوغد, فشعرت بيد تهزَها, وجدت ابيها (عم غزال) يُوقظها من نومها, فأدركت انه كان كابوس, فانتفضت من نومها, وشكرت ربها انه مجرد حلم, وطلبت من ابيها العودة الى بيتهم, حتى تتزوج من (حسين) ابن خالتها, وانها لا تريد شراء شئ, وبالفعل شدَوا الرحال الى مدينة الصيادين, وهى فرحة بالعودة الى حضن امها واهلها, واقاموا الافراح بعودة العروسان, واصبح (حسين) هو فتى احلام (قمر)….. انتهت

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق