الثلاثاء، 19 فبراير 2013

العائلة (2)



وبدأت (منى) فى تحضير طعام الغذاء مع (ام عبده), وهى سعيدة وترطب لسانها بالاستغفار, فلفتت نظر (ام عبده) وسألتها: ماذا تقولين فى سرك؟
فاجابتها (منى) بابتسامة رقيقة: اردد الاستغفار, حتى يبارك لنا رب العالمين....
واثناء انشغال ( منى) فى تحضير الطعام, وجدت امامها زوجة الاخ الاكبر ل(صلاح), (سعاد) فهى بدينة القوام, صلبة البنيان ذو ملامح شديدة الصرامة, وهى ابنة عمهم, وسلمت على (منى) ثم قالت: لم ترحمك حماتك, من اول يوم تعودى فيه من شهر العسل, تدخلك المطبخ!!!
فردت عليها (منى): احب آكل من عمل يدى.
ردت(ام عبده): تسلم ايدك يا ست منى, والله يبارك فيكى يا بنتى....
واستدارت الى (سعاد) وقالت لها: بعد شوية هتتفرجى على احلى اكل النهاردة, من ايد الست (منى)....
فتركتهم (سعاد) وذهبت الى منزلها, وحضر والد (صلاح), واستقبلته (منى) وسلمت عليه, وقبلت يده, وتجمعوا على المائدة, وكان الطعام شهى, ولة رائحة طيبة, ونادى والد (صلاح) على (ام عبده) ليسألها: النهاردة الطعام له احلى مذاق, يا ترى ليه؟!!
فاجابت (ام عبده) فى سعادة: البركة فى الست (منى), كل الطعام من صنع يدها....
خجلت (منى) وفرحت فى نفس اللحظة باشادة الجميع, لكن ام (صلاح) كان على وجهها تعبير اخر, وتنظر بتوعد ل(ام عبده)!!...
وانسحبت (منى) و(صلاح) الى منزلهما للراحة بعض الوقت, حتى يستعدوا لاستقبال المهنئين بعودتهم, وعندما اختلى (صلاح) ب(منى) شكرها على احلى طعام قدمته, وطلب منها: امى طلبت منى اننا نشاركهم فى الطعام كل يوم, لانهم اعجبوا بما تصنعيه, اظن ليس لديك مانع!..
فاجابت: ابدا اذا كان هذا يسعدك, ليس لدى مانع ابدا, الله يبارك فى الجماعة....
وعندما حضر المهنئون, استقبلتهم ام (صلاح) وطلبت منهم عدم دخولهم عند العرسان, والجلوس عندها, وارسلت (ام عبده) ل(صلاح) و(منى) بان يحضرا الى بيتها, وبالفعل حضروا الى بيت ام (صلاح) فرحبت بهم فى سعادة, وكان من ضمن المهنئين الدكتورة (نفين امراض باطنة), وزوجها الدكتور (عدنان امراض جلدية) وكان معهم هدية كبيرة ملفوفة, فاخذتها ام (صلاح) وادخلتها غرفتها...
  ولم تبالِ (منى) لما حدث, ولكن زوجة (احمد) اخو (منى) لاحظت استحواذ الحماة على كل هدية, دون ان تطلع (منى) عليها, واقتربت من (منى) وهمست فى اذنها: ام (صلاح) بتاخذ كل هدية وتدخلها حجرتها, دون ان تطلعك عليها!!!
فردت (منى) بحسن نية: اكيد هتقول لى بعد الضيوف ما يمشوا لا تشغلى بالك...
 واخذت ترحب بالجميع, حتى بدأوا فى الانصراف واحدا تلو الاخر, والحَت (الدكتورة نفين) على (منى) بان تحضر لزيارتها فى اى وقت, لانها ارتاحت لها كثيرا....
وبعد انصراف الجميع, نادت ام (صلاح) على ابنها (صلاح) واخذته غرفتها واغلقت الباب عليهما...
فوجدت (منى) الافضل لها ان تذهب الى منزلها, تحضَر العشاء لزوجها, وتنتظره...
وبعد حوالى ساعة, حضر (صلاح) وهو صامت, فحاولت ان تستفسر منه, عن اى شئ ازعجه, لكن دون فائدة, فطلبت منه ان يصلى ركعتين بها قبل النوم, لكنه رفض, وتعلل بانه متعب, فصلت هى كعادتها وقرأت القرءان ونامت....
وداومت (منى) كل صباح بعد نزول زوجها الى عمله, تذهب لتحضير الطعام مع (ام عبده), لكن ام (صلاح) كانت كل مساء تنتظر (صلاح) وتسأله: هتخرج تسهر مع اصحابك؟
فاذا رد بلا, تتطلب منه الحضور عندها, وتجلسه بجانبها, واذا حضرت معه (منى) تطلب منها اى شئ تشغلها به, او تأمرها ان تذهب الى منزلها, لعمل شئ  فيه, وكانت (منى) تنفذ ما تطلبه منها, حتى يحضر زوجها ترافقه حماتها, وتحضر له العشاء, وتجلس الحماة معهما لتناول العشاء, او تأخذ قدر من العشاء, وتترك العشاء يكفى لشخص واحد وهو ابنها, ولا تتركه الا بعد ما يلتهم نصفه تقريبا....
 وكانت الام تزيد من تدخلها فى حياة (منى), فاذا دخلت علي (منى)  وهى تنتظر عودة زوجها فى المساء, ووجدتها تتزين تقول لها: لماذا ترتدين هذا؟ ولما كل هذه الزينة؟ حافظى على صحة ابنى...
 واذا وجدتها لم تتزين تقول لها: الا تتزينين لتسرى زوجك, وترتدى ملابس مثل النساء التى تريد ان تحافظ على زوجها من الانحراف!!!
وفى يوم تركت الطعام على الموقد, وقالت ل(ام عبده): ممكن تخلى بالك يا (ام عبده) يا سكرة, عقبال ما اذهب لاصلى الظهر فى بيتى....
 فوافقت لها, وعند دخول بيتها وجدت الباب مفتوح, وسمعت صوت فى غرفة نومها, فدخلت فى هدوء واعتقدت ان زوجها حضر من عمله, فوجدت حماتها تفتح دولابها وتفتش فيه, وما ان رأتها حتى ارتبكت وقالت: كنت بدور على ايشارب ضائع منى, وقلت يمكن اخذتيه بالغلط!!!
فشعرت منى بالضيق من حماتها, فتركتها فى الغرفة, وذهبت لتتوضأ, وكأن شيئا لم يحدث, وانهت الموقف على ذلك.
 ورغم ذلك ام (صلاح) كانت دائما سبب من اسباب الحزن للعروسين, اذا تلقوا دعوة لزيارة احد, تصمم ان تخرج معهما, او توبخ ابنها حتى يرفض الخروج مع زوجته, ويخرج هو لوحده....
 فكرت (منى) ان تخرج لزيارة (الدكتورة نفين) فسمح لها (صلاح), وبالفعل ذهبت فى يوم اجازة العيادة, ورحبت بها الدكتورة, وفتحت (منى) قلبها الى الدكتورة, وتصرفات حماتها معها, وبعد ما استمعت لها, نصحتها بالصبر والتفكير فى تكملة تعليمها, وقررت مساعدتها بان تحضر لها الكتب المطلوبة للثانوية العامة من اولاد اصدقائها, فرحت (منى) بالفكرة, وانها كانت نفسها تكمل تعليمه,ا لكن الظروف المادية كانت المانع...
 وهى فى طريق العودة الى منزلها, فكرت ان تحضر هدية تتقرب بها الى حماتها, وبالفعل دخلت محل ملابس, واختارت عباية وزجاجة برفان, ووضعتهم فى شنطة هدايا, وقدمتهم الى حماتها وقبلت يدها.... 
كانت (منى) تبذل كل جهدها لترضى حماتها, لكن دون فائدة, ورغم ذلك لم تيأس, وفى يوم, بعد ما حضرت الطعام كالعادة, ذهبت لتصلى صلاة العصر, وتأخرت فى الصلاة, ولم تحضر معهم الغذاء, وعندما انتهت من الصلاة, كانوا انتهوا ورفعوا الاطباق, ووجدت ام (صلاح) احضرت طبق الفاكهة لابنها واعطته لها لتلحق بزوجها....
فاخذته ورجعت الى بيتها, دون ان تتفوة بكلمة, و بعد قليل وجدت (ام عبده) احضرت لها طعام, شكرتها ووضعته لتأكله, فسمعت حماتها وهى توبخ وتتوعد (ام عبده) على صنيعها وتقول لها: لماذا تذهبى بالطعام اليها؟ عنها ما اكلت, انتى اخذتى اذنى, لو عملتى كده تانى هاطردك من البيت...
حزنت (منى) حزنا شديدا, وانتظرت زوجها يستيقظ, لكى تتطلب منه ان تذهب الى امها لمدة يومين, فوافق واشار عليها ان تذهب مع اخيها (احمد) يوم الجمعة القادم بعد يومين, فشكرته, واخذت الطعام وارجعته الى (ام عبده) وقالت لها: اصلى اشعر بتعب فى معدتى!!!
 وتمنت ان يمر اليومان على خير, وهى على نفس وضعها تسمع منها الاوامر باصناف الطعام الذى تمليه عليها, وتحضره لهم ولا تأكل منه شئ, وتتعلل بتعب المعدة...
وعندما حاول (صلاح) ان ينادى عليها, نهرته امه وقالت: ده دلع بنات لا تهتم اجلس وكل انت, لما تجوع الاكل موجود هيروح فين؟؟؟
 وفى المساء حضرت الدكتورة ومعها الكتب التى وعدت (منى) بها وطلبت منها الاوراق المطلوبة لتقدم لها قبل موعد الامتحان, فسمع (صلاح) كلام الدكتورة ورحب بالفكرة, ولاول مرة تشعر (منى) بالفرح, وتحمست واخذت تستذكر دروسها ليل نهار دون ان تقصر فى واجباتها نحو زوجها, ولكن حماتها كانت عندما تراها تستذكر دروسها, و(صلاح) يحاول ان يساعدها تغضب وتطلب منه ان يتركها, ويذهب مع اصحابه ليسهر وينبسط, بدلا من تعبه بدون فائدة مع التلميذة الخائبة!!!...  فكانت (منى) تحزن من كلام وتصرفات حماتها....
حزن (منى) ليس من ام (صلاح) فقط, ولكن من زوجها ايضا, الذى يرى ويسمع ولا يتحرك له ساكنا, خاصة عندما علمت (منى) ان ام (صلاح) حاولت ان تتصرف بهذا الشكل مع (سعاد) زوجة اخيه, لكن اوقفها اخوه الاكبر ورفض  سيطرتها على حياتهما, لكن سلبية (صلاح) جعلت امه تتحكم فى كل شئ فى حياتهما, وزاد حزنها اكثر عندما رجع فى وعده لها بزيارة امها لمدة يومين, اخذت تبكى بحرقة, وتتوسل اليه فتركها, وذهب الى امه يترجاها ان توافق لها على زيارة اهلها يوم واحد وتعود  اخر اليوم, فوافقت على مضض, وهى ذاهبة قالت لها: وافقت على ذهابك من كتر إلحاح ابنى, اذا خالفتى اوامرى لن تذهبى مرة اخرى... 
البقية غدا

هناك 7 تعليقات:

  1. قرأت بشغف ورأيت شخوصات القصة أمامى وهذا يعنى الابهار الرائع منكم
    سيناريو رائع وأوجعتنى عبارة " البقية غدا " من فرط اعجابى بالاحداث
    تحياتى يا مبدعة

    ردحذف
    الردود
    1. استاذى الغالى
      سبق وقلتلك انتى معلمى ونحن تلاميذ فى مدرسة ابداعك اشكرك ياعمدة القلم المصرى وانتظر بشوق رائيك فى الجزء الاخير لك احتراماتى وتقديراتى ويحفظك الله من كل سؤ

      حذف
  2. اهلا اختي الغالية

    اليوم القصة نرفزتني جدا
    احداثها وعمايل ام صلاح اثارت اعصابي
    تصرفات صلاح في منتهى الجحود والسلبية واللامسؤلية وانهالت عليه دعوات مني ياساتر.
    تحمست مع القصة كثيرا وبروعة السرد عندك .

    لوكنت مكان الزوجة المسكينة
    واحد من اتنين
    اما طلب الطلاق .او ...........هو وامه ... بلاش عنف احسن هههههه
    ان شاء الله بكرة يكون الوضع افضل
    سلمت ياغالية

    ردحذف
    الردود
    1. اختى الغالية زهورى العطرة
      سلامتك ياقمر من الى ينرفزك تذهب الى الجحيم التى تثير اعصاب صديقتى ولا يهمك هتقرائ الجزء الاخير وهترتاحى ان شاء الله دمتى بالخير والعافية دائما صديقتى

      حذف
  3. الأديبة والأخت الفاضلة / هويدا سمير .
    أديبة القصة وأميرة الحوار ما أجمل ملامح قصتك وجمال الفكرة والموضوع أبدعت سيدتى كل التقدير لرقى قلمك ومداد وصالك الكريم أسعدنى التواجد هنا كل التقدير والأحترام لسمو شخصك الكريم تقبلى كل الود دومت فى رعاية الله دائما .

    ردحذف
    الردود
    1. اخى الفاضل امجد
      اسعدنى تواجدك وكلماتك الرائعة التى وصفتنى بها اشكرك اخى على ارق واعذب كلمات وصفت بها واتمنى لك الرقى الدائم والابداع فى اجمل الاشعار دمت بالخير والاذدهار دائما اخى

      حذف
  4. كان لابد لى أن أقرأ الجزء الثانى لكى لا يفوتنى شىء من القصة
    ولكى أكون على دراية بالحدث

    وعذرا لتأخرى
    أبدعتِ بلا شك
    وسأذهب سريعا لأكمل فى العائلة 3
    تحياتى أستاذة هويدا

    ردحذف