الأربعاء، 26 يونيو 2013

المؤامرة (1)




الساعة تدق التاسعة مساءً, فى اول ايام الصيف, تصعد الى سطح العمارة كلا من السيدة (سعاد) -ممشوقة القوام, بيضاء البشرة, جميلة الملامح, تعمل فى مركز مرموق فى  شركة استثمارية للعقارات, متزوجة من زميلها (عادل) ولديهما فتاتان توأم متماثل فى الاعدادية-  وتتبعها خادمتها بترمس الشاى والكوبايات, وتلتقى على السطح مع جيرانها مدام (سنية) -بدينة القوام, خمرية البشرة, قصيرة, ربة منزل لا تعمل, متزوجة من صاحب العمارة المعلم (فتوح) يعمل بالمقاولات, ولديهما شاب فى الخامسة والعشرين من عمره, مدلل لانه وحيد ابويه, وفاشل فى الدراسة, ويرافق اقران السوء امثاله, ورغم ذلك يفخر به والداه بين جيرانه, بأن الشباب كله كده وهذا حال الجيل كله, وشابة فى العشرين, وصبية فى العاشرة-  وايضا تسير ورائها خادمتها تحمل سرفيس كبير مغطى, مفاجأة الست (سنية) لجيرانها, وتأمر خادمتها ان تضع ما تحمله على الطاولة وتنصرف, ويلتقوا مع مس (فوزية) -مديرة مدرسة اعدادية, وهى متوسطة الطول, سمراء البشرة, جميلة الملامح, هادئة الطباع, لم تُرزق باطفال, وتعتبر نفسها ام لكل الاطفال التى تتقابل معهم, وبخاصة توأم مدام (سعاد) تشملهم برعايتها دائما....
تسأل مس (فوزية) وهى تنظر الى ساعتها: هى مدام (دولت) اتأخرت عن معادنا ليه؟ .......ولم تُكمل كلمتها حتى ظهرت مدام (دولت) -وهى فى الستين من عمرها, وكانت تعمل فى وظيفة حكومية, وتقبل الرشوة لتخليص بعض الاعمال, ولا ترى فى ذلك عيبا, لانها اعمال صعبة وتستحق من هؤلاء الاغنياء أجر تخليص اعمالهم, التى سوف تدر ربح وفير لهم, ولديها ابن وابنة متزوجان ويعيشان فى الخارج, ولا يحضرا الا نادرا, وزوجها الاستاذ (عبد القادر) فى  منتصف العقد السادس, وكان صاحب محل ادوات تجميل, وكان يدخل بعض البضاعة المغشوشة, ومنتهية الصلاحية, ويغير التواريخ, ويلصق عليها الماركات العالمية المشهورة, عن طريق رجل اعمال فى الخارج- تقدم اعتذارها عن التأخير: انا آسفة يا جماعة على التأخير, كان عندى ضيوف ولسه ماشين ....
وبدأت الجلسة النسائية التى اعتدن عليها من شهور قليلة, وكان الفضل فى هذا التجمع للسيدة (سعاد), عندما كتبت ورقة, وحددت يوم فى الاسبوع الاول من كل شهر, تتجمع فيه سيدات العمارة للتعارف والتقارب, وبالفعل استجابت بعض السيدات, ما عدا اثنتان من سكان العمارة لم يستجيبا لعدم رغبتهما فى الاختلاط, ويكتفان بالقاء التحية من بعيد, وبمرور الايام اصبحت السيدات متقاربات مع بعضهن مثل الاخوات التى تربين مع بعضهن, يتشاركن فى ابداء الرأى والنصح, ومساعدة بعضهن البعض فى الافراح والاحزان, مثل خطبة (هبة)  ابنة الست (سنية) فكن يقابلن المعازيم معا, ويقدمن الشربات والمأكولات.........وايضا عندما مرض السيد (عبد القادر) وقفن جميعا من رجال ونساء العمارة فى التناوب على مساعدته, وتطييب خاطر مدام (دولت) حتى تماثل للشفاء......ووقوفهن فى ترتيب مواعيد عمل الكعك فى عيد الفطر فى الاسبوع الاخير من شهر رمضان كل يوم عند واحدة منهن, وهكذا............
وفى يوم ما, وهن مجتمعات كالعادة, يشاهدن التلفاز فى منزل مدام (دولت), وجدن (سعاد) تطلق صرخة فيتسائلن جميعا عن السبب؟؟؟ ولكن (سعاد) تعتذر وتستأذن فى الانصراف, وهى تدارى دموعها فى خجل, فيحاولن اللحاق بها لكنها تنصرف الى منزلها وتغلق عليها, وتسرع بفتح التلفاز وتشاهد الرجل الذى يتحدث مرة اخرى, وتكتم صرختها وتتلفظ بالفاظ  غير مفهومة!!! ....ويحضر (عادل) زوجها ويفاجأ بالحالة التى وجد عليها زوجته, وقبل ان يتسائل عن السبب, يشاهد الرجل الذى يتحدث فى التلفاز, ويصاب بالانزعاج  مثل ما اصاب زوجته ويتمتم: الحقير ده لسه عايش....طول عمره زى القطط...... وينظران الى بعضهما......
وترد (سعاد): بعد 15 سنة نشوفه تانى .......ممكن يدور علينا ويفضحنا, انت عارف اخلاقه اللى شبه الذئاب........
يرد (عادل) فى غموض واصرار: متخافيش مش هيحصل ابدا .......لو بس فكر يعملها هاقضى عليه بإيدى!!!
تنظر له (سعاد) وكأنها وجدت الحل: وبإيدى انا كمان ......زى ما أذانى وحياة ولادى لازم يدفع التمن غالى!!!.......
(هذا الشخص الذى وجدوه فى التلفاز (سعاد) وزوجها, هو (توفيق) زميلهما فى الكلية, وكان بينه وبين (سعاد) قصة حب كبيرة وخطبها من اهله,ا وكانت تثق به ثقة عمياء, حتى بدأوا فى ترتيبات الفرح وكان الكل يشاركهم فرحتهم ويبارك لهم, وساعدهما والد (سعاد) فى الكثير من تجهيزات المنزل والفرح وخلافه حتى يوم الفرح, حضر احد اصدقائه واخبرهم ان (توفيق) سافر الى بلد اوروبى بلا عودة, وسقطت (سعاد) فى حالة انهيار تام, ودخلت على اثرها المستشفى, ولم يعرف احد بانها حامل من (توفيق) غير (عادل), الذى عرف بالصدفة وطلب الزواج منها, واكرمهما الله بهذا التوأم ونسيا امر (توفيق), الذى علما بعد سنين انه فارق الحياة فى احدى البلاد الأوروبية........
وفى الصباح, وجدا من يطرق عليهما الباب, فاسرع (عادل) بفتح الباب ولم يجد احدا, ووجد رسالة ملقاه على دواسة الباب, فالتقطها واغلق الباب, واخذ يقلب فى الرسالة من الامام والخلف, وقبل ان يهم بفتحها حضرت (سعاد) ونظراتها تتسائل قبل لسانها: من مين الرسالة دى؟؟؟ .......تفتكر من ........
يرد (عادل) فى تعجب: مش عارف لقيتها على الدواسة لما فتحت الباب........           
وبدأ فى فتح الرسالة وقرائتها.......
عزيزى (عادل) ... عزيزتى (سعاد)
وحشتونى جدا انتظركم فى الفيلا بتاعتى بكرة الساعة 7 مساءا لأمر هام جدا
ارجو عدم التأخير او الاعتذار للضرورة....
ملحوظة: امانة يا(سعاد) تبوسيلى التوأم حتى نلتقى....        
المخلص (توفيق).........
لم تتمالك (سعاد) قواها وارتمت على اول مقعد: هنعمل ايه يا(عادل)؟!!!
يرد (عادل) فى حسم: هاروح اقابله لوحدى, وخليكى انتى مع البنات...
تمسك (سعاد) بيد زوجها قائلة: ارجوك بلاش تهور, انا والبنات ملناش غيرك... 
وتحاول (سعاد) وزوجها التماسك طوال اليوم فى العمل....
وفى اليوم التالى, سمعت (سعاد) طرقات على الباب وجدت مس (فوزية): ازيك النهاردة يا(سعاد).... انشغلت عليكى من امبارح وطلبت منهم محدش يزعجك, طمنينى عليكى, وانا مستعدة لاى مساعدة, احنا اخوات ولازم نكون جنب بعض فى اى حاجة؟
ترد (سعاد) فى لهفة: شكرا ليكى, طبعا اخوات ولو احتجت اى مساعدة مش هلجأ لحد غيرك ............وهنا خطرت لها فكرة فاكملت..... ممكن تقعدى مع البنات لمدة ساعة واحدة حروح مشوار مهم جدا مع جوزى... اذا كان ممكن؟
ترد مس (فوزية) على الفور: طبعا ممكن, انا تحت امرك, وكونى مطمئنة هذاكر معاهم دروسهم, واعشيهم وانيمهم فى معادهم, متحمليش هم ابدا...............
ردت (سعاد) متأثرة: شكرا ليكى اوى, مش عارفة لو مكنتيش جنبى كان حصل ايه؟
مس (فوزية): كل خير يا حبيبتى ......ولا يهمك.......
واتفقت (سعاد) مع زوجها (عادل) على الذهاب معه حتى لا يتهور.............
وفى الموعد المحدد, كانت (سعاد) وزوجها على باب الفيلا, وما ان فُتح الباب وجدا مفاجأة فى انتظارهما.......
...............................يتبع