الاثنين، 4 فبراير 2013

ثمن الحب (2)


نزل من السيارة شاب اسمر اللون, طويل القامة ذو عينان عميقتان, شعر اسود كثيف, يرتدى البدلة الحربية, لحق ب(امانى), واحاطها بيديه قبل ان تسقط على الارض, واخذ يردد: آسف جدا لم الاحظك, ارجوكى اقبلى اعتذارى.
ردت (امانى) وهى غاضبة: من فضلك تراعى ان فيه ناس تسير فى الشارع.
 ورفعت يده بعصبية لابعادها عنها, واخذ الشاب يكرر اعتذاره, ويطلب منها ان يوصلها الى اى مكان تريده...
 وهنا نظرت له فى حدة وقالت: هذا تجاوز لا يتوافق معى, من فضلك لا تعترض طريقى, وتوقفت عن الكلام عندما تلاقت نظراتهما... وشعرت بمدى احراجه منها, وانسحب وهو يكرر اسفه, وركب سيارته وانطلق بها...
 وكان بعض الناس يتجمعون لمعرفة ما حدث, ولكن اسرعت (امانى) تختفى بسرعة لتلحق بالاتوبيس, وبعد ركوبها وجدت زميلتها (ضحى) تلاحقها بالاسئلة عن صحة امها, وهى تحاول ان تتدارك ما حدث وتلتقت انفاسها... وقصت على (ضحى) ما حدث لها, واعتبرت ان الامر انتهى, ولكن لم تستطع ان تمنع نفسها من التفكير فى هاتان العينان العميقتان, وكيف تسببت له فى هذا الاحراج, وحاولت ان تشغل نفسها بالعمل اليومى, والاشتراك فى الاحاديث الجماعية بينها وبين من فى المكتب, وحاول (رامى) اكثر من مرة, التقرب منها لكنها كانت تتعامل معه باخوة لا اكثر...
وهى فى غرفتها دنت امها منها, وسألتها عن سبب شرودها, فقصت عليها ما حدث؟ وانها مازالت تتذكر عينيه, ولا تعرف لذلك سبب مقنع, واشارت عليها امها بان تهتم بشغلها, وتترك الامر لله...
 وبالفعل حاولت اياما كثيرة, ولكن فى يوم وهى توصل اختها, وجدته يقف امام سيارته فى انتظارها, وشعرت بقشعريرة لاول مرة تسرى فى عروقها, وما ان اقترب منها حتى حاولت ان تتماسك, وقال: صباح الخير, ارجو ان تسمحى لى بدقيقة من وقتك, انا اسمى (عادل) ملازم اول فى الحربية, ومن يوم الحادثة, وانا لا اعرف ماذا حدث؟ لم تغيبى عن بالى, ولو تسمحى اتعرف عليكِ!!!
جمَعت شجاعتها وردت: خلاص الموضوع انتهى, وانا نسيت وحصل خير...
فرد: اسمك ايه؟
فانصرفت بسرعة البرق, وهى تلملم فى شجاعتها, التى خافت ان تخونها وينفضح امرها, بانها هى الاخرى لم تفلح فى منع نفسها من التفكير فيه...
 وما ان تقابلت مع (ضحى) حتى تركت لها العنان, لكى تثرثر حتى تستعيد تماسكه,ا واندمجت فى العمل مرة اخرى...
وهى على مائدة الغذاء مع امها واختها, رن جرس التليفون فردت (امانى) وجدت صديقتها من الجامعة (رباب) تدعوها لحضور حفل زفافها بعد غد, وتؤكد عليها الحضور, لانها عزمت كل اصحابهم من الكلية, فوعدتها بانها سوف تحاول, وفكَرت مع امها من يذهب معها الى الفرح, لانه ينتهى فى وقت متأخر من الليل...
فعرضت امها عليها الاستعانة بخالها (عزت) فهو متقارب فى السن مع (امانى) يكبرها  بسنوات قليلة, فرحبت واتصلت بخالها ووافق وقال: يمكن يوافقنى الحظ, واختار عروسة حلوة من اصحابك, وضحك, بس بلاش تقوليلى يا خالو امام اصحابك وتحرجينى.
فضحكت امانى وقالت: لا متخافش بس هاقول ياجدو...
وفى يوم الفرح, ذهبت (امانى) مع خالها (عزت) وهو قريب الشبه بأمها (مدام عفاف) خمرى البشرة متوسط الطول, اسود الشعر وهو ظابط شرطة برتبة نقيب, وكثير الضحك وقريب الى قلب عائلة اخته, وكثير الثقة فى عقلية (امانى) لرجاحة تفكيرها, ودخلت الفرح وهى تمسك بيد خالها, والتف عليهما اصحابها البنات والشباب, وسلموا عليهم وهم يعرفون خالها (عزت) لانه كان يحضر ليأخذها من الكلية, وجلس الجميع لدخول العروسين, واُضيئت الانوار ووجدت فى الطاولة القريبة منها, الشاب (عادل) واشار لها بيده, فادارت وجهها من هول المفاجأة!!!
 وبعد قليل استدعى المذيع اصحاب العروسين للرقص, والاحتفال بهما, وقامت امانى مع اصحابها لتحتفل, ووقف بجانبها خالها (عزت), واندمجت (امانى) مع اصدقائها وحاولت ان تتناسى (عادل), لكنه كان يلاحقها, حتى اقترب منها وشعرت بانفاسه بجانبها, وفجأة اختفى عن ناظريها فبحثت عنه بعينيها, فوجدته بجانب العروسين يراقصهما... وبعد قليل, اشارت اليها العروسة: اعرفك يا (امانى)  بالكابتن (عادل) الصديق الانتيم لعمرو... وهى تشير للعريس... ودى (امانى) احب صديقة الى قلبى...
رد العريس (عمرو): يا سيدى اعرفك باحلى واحدة فى دفعة (رباب)...
ردت امانى: شكرا والف مبروك, يا (رباب) واحتضنت صديقتها, وسلمت على (عادل) بإماءة من رأسها..
وتنحت جانبا (امانى) مع (رباب) وقالت لها: من يومين كان معنا الكابتن (عادل) لوضع صور الشو للفرح, ورأى صورتك فى البوم الصور الخاص بى, وسألنى عليكى, وانا رأيى افتحى قلبك واطمنى, ده من عائلة ممتازة, واخلاقه عالية, ويليق بكى وكمان صاحب (عمرو) من الصغر ويعرف اهله, واقترب العريس وجذب عروسته لتكملة الاحتفال...
اطمأن قلب امانى وابتسمت للاول مرة (لعادل) فاقترب منها وهمس: هانتظرك امام مدرسة اختك غدا...
وانتهى العرس وعادت الى البيت, ووجدت امها فى انتظارها, لتطمئن عليها فلمحت ام (امانى) الفرحة فى عينيها, فاقتربت من (امانى) وسألتها عن سر اللمعة التى تراها فى عينيها!!!
فاجابت امانى: السبب فرح (رباب) رأيت فيه كل اصدقاءنا, وقضينا وقت لطيف, واستأذنت امها للنوم, وطبعت قبلة على وجنتيها وهى ترجوها ان تدعى لها...
وفى اليوم التالى, وجدت (عادل) امام مدرسة (مرام) فذهبت وسلمت عليه, وطلب منها خمس دقائق ليحدثها عن نفسه...
فوافقت, فقال: من اول يوم شفتك فيه, لم تغيبى عنى, ولو لحظة واحدة, رغم انى عرفت بنات كثير, واول مرة يحدث لى ذلك, احساسى نحوك يختلف, وتأكدى ان كل ما اقوله حق...
نظرت اليه فى تعجب وقالت: تصارحنى بانك تعرف بنات كثير, وان شعورك نحوى مختلف, ازاى اصدقك؟
فاجاب: صدقينى باحساسك, وهو فيه شاب لم يعرف بنات فى شبابه, حتى يميز باحساسه الحب الحقيقى, صارحتك من البداية لانى حاسس انك اول حب واخر حب فى حياتى!!! اطمئنى...
فنظرت فى ساعتها, واعتذرت له بانها تأخرت على عملها, وانصرفت, وفى الطريق اخذت تفكر فى كلام (عادل) وعندما وصلت المكتب, وجدت (مدام حكمت) تريد ان تحدثها على انفراد, فجلست بجانبها وقالت لها: فيه خبر حلو عريس ابن حلال, واخلاقه ممتازة وبيحبك, وهو المهندس (رامى)!!!
فشعرت (امانى) بالخجل الشديد, واحنت رأسها وقالت: حضرتك عارفة انا بحترمك قد ايه؟, وكذلك المهندس (رامى) فهو بالنسبة لى مثل اخى واحترمه واقدره, وياريت تساعدينى فى الاعتذار له, وترشحى له المهندسة (ضحى) فهى تكن له محبة فى قلبها... ارجوكى
واعتذرت وطلبت ان تنصرف, لشعورها بالتعب المفاجئ,
فسمحت لها وانصرفت الى المنزل, لتلقى امها فى البيت
وتقص عليها ماسمعته من (عادل)...
قالت امها: فكرتى فى كلامه باحساسك ام بعقلك؟..
قالت امانى: فكرت باحساسى ومصدقه كلامه, لكن العقل يعطينى اشارة بالتروى  وعدم التسرع...
قالت الام: برافو عليكى اسمعى كلام العقل, حتى تتأكدى من احساسه نحوك...
وفى اليوم التالى, وجدته امام المدرسة, وسمحت له بالكلام وكل مرة تشعر انه صادق فى كلامه واحساسه, وبدأ القلق يتبدد شيئا فشيئا, واحست بالحب يتملك قلبها الصغير...
وكانت تتابع (ضحى) وتحاول ان تقرَبها من (رامى) وتوَفق بينهما, وتساعدها (مدام حكمت) خاصة عندما علمت انها مشغولة بشخص اخر, وقريبا سيعرفه الجميع...  
وتقدم (عادل) الى خالها وامها, واستعجلهما فى الزواج وتحديد موعد مع اهله للخطوبة, وبعدها الزواج...
وفى الموعد المحدد, حضر (عادل) وابوه الى منزل (امانى) وكانت المفاجأة بأنه مدير الشركة التى تعمل بها, والمهندس (رامى) هو الاخ الاكبر ل(عادل)!!!
 وبسرعة تماسكت حتى لا تُظهر شيئا, ويفهمها (عادل) خطأ خصوصا انها ليس لها ذنب فى حب (رامى) لها, ورحب (سليمان بك) بزواج ابنه من (امانى) لانها مهندسة كفؤ وذات اخلاق عالية, وتم تحديد موعد الزفاف, بعد اسبوعين لان كل شئ جاهز على حسب رأى العروسين, لان الاقامة ستكون فى الدور العلوى للفيلا التى يقيم بها العائلة... 
وبعد يومين علمت من (عادل) ان (رامى) طلب السفر والاقامة فى فرع الشركة فى دبى وابيه وافق له!!.. 
وفى موعد الزواج, اقيم حفل كبير فى فندق شهير بالمدينة, وحضر لفيف من نجوم المجتمع والاصدقاء والاقارب, وسافر العروسان لقضاء شهر العسل, وكانت احلى ايام مرت على الحبيبين, ومر العام الاول فى سعادة وهناء وسرور, ورُزقا الحبيبان بطفلة تشبه القمر, وسموها (نورا) وكانت لهم النور الذى ملأ عليهما حياتهما بهجة وسعادة...
وفى يوم تم استدعاء (عادل) للقيام بمناورة على الاعداء, وذهب هو وزملاءه لمدة يومين, وانتظرت (امانى) بلهفة رجوع زوجها اليها, ولكن حضر من يخبرها انه اصيب فى المستشفى, ويريد رؤيتها, فذهبت اليه ملهوفة, ودخلت الحجرة الخاصة به, وجدته ممددا على ظهره ونظر اليها عند دخولها, فارتمت عليه فى لهفة, وهى تبكى بحرقة, ورددت: الحمد لله الحمد لله انك رجعت لى, فاشار الى قدميه فنظرت الى قدميه, فوجدته بقدم واحدة, والاخرى بُطرت اثناء الاستطلاع, ضرب عليهم العدو!!!
فقالت له: هذا وسام شرف لى ولك, وهذا هو ثمن الحب الكبير لبلدك يابطل شكرا لك.....
انتهت

هناك 12 تعليقًا:

  1. أختــــــــي هويـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــدا
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاتــــــــــــــــــــــــــــة
    وأسعد الله صباحـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك
    والف مبروك مدونتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك

    ردحذف
  2. هذا هو الجزء الثاني من قصتك ثمن الحب وكنا قد تابعنا الجزء الاول من خلال مدونتك على مكتوب . قصة حب سيطة بين شاب وفتاة توجاها بازواج ثم جاءت احداث القصة لتكشف لنا
    عن الثمن الذي دفعة هذا الشاب في حــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــب وطنــــــــــــــــــه
    بحيث فقد احد رجلية في مناورة حربية مع العدو واستحق بذلك ان يكون احد الابطال .
    نعم انه وســــــــــــــــــــــــــــــــــام شــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــرف له ولحبيبته فهذا الوسام سيبقى علامة تذكرة بحب بلدة وما اجمل ذلك الحــــــــــــــــــــــــــــب
    تحية لك اختي هويدا على هذه القصة الهادفة وهذا الاسلوب الجميل والمشوق بالسرد .

    ردحذف
  3. اختـــــــــــي هويدا دعيني هنا اسجل ملاحظة حبذا لو يتم تعديلها من خلال التحكم بالمدونة وهو ان كل تعليق يتطلب وضع الكود المخصص لذلك الامر الذي معه احيانا لايظهر الكود واضح مما يعني اعادة محاولة نشر التعليق اكثر من مرة واعتقد ان لا معنى لهذا الكود وبالمناسبة هو موجود في كل المدونات ولكن عند اعداد المدونة يجب وقف هذة الاشكالية من خلال الاعدادات

    ردحذف
    الردود
    1. اخى الفاضل الاستاذ على مزهر
      فى الحقيقة مهما وصفت وشكرت لن اوفيك حقق علية ومساعدتك للوصول الى هذا الحال للمدونة فابنتى خريجة اعلام جلست لللاكتشاف اكثر من مرة ومع توجيهاتك كانت لها اكبر الاثر يجزيك الله عنا كل الخير

      حذف
  4. http://www.4shared.com/office/3J2T8Fyn/____.html

    ردحذف
    الردود
    1. اخى الفاضل الاستاذ على ابو علاء
      لو جمعت كلمات الشكر لن توصف سعادتى بنشرك قصتى وفى الحقيقة ان زهرة ابنتى لم تتوصل لطريقة النشر التى تتعب حضرتك فيها هكذا لك منى كل الاحترام والتحية وسعادتى الاكثر انها نالت اعجابك شكرا لك

      حذف
  5. اهلاااااااااااا بدرة النيل الغالية
    الحمدلله على السلامة
    منورة احياء بلوجر كلها
    الف مبروك عزيزتي هويدا
    لي عودة ان شاء الله لقراءة القصة
    تحياتي للعائلة الكريمة وزهرة خاصة

    ردحذف
  6. قصة جميلة
    وأسلوب سلس يجعلنا نسترسل معه بعذوبة
    سلمت يداكِ
    وألف مبروك على المدونة
    تحاتي القلبية

    ردحذف
    الردود
    1. مرحبا بالصديقة الجديدة شمس
      اهلا بك لتعطيرك مدونتى وشكرا لك على اسلوبك الراقى فى التعبير ولكى منى الاحترام والتقدير شكرا لكى عزيزتى

      حذف
  7. اهلا بالقاصة المبدعة
    عزيزتي
    قصتك شدتني للنهاية من بداية السرد المحبك والاسلوب السلس
    تسارعت انفاسي مع اماني والحمدلله حصلت على نهاية سعيدة
    فالف مبروك لها

    على غير عادتي
    قرأت القصة مساءا وليس صباحا مع قهوتي
    دمت عزيزتي متميزة في سماء بلوجر

    ردحذف
    الردود
    1. اختى الغالية زهرة الزهور العطرة
      اشكرك ياعزيزتى على اسلوبك الرقيق وسعدت بالتهنئة الغالية على قلبى وودك الدائم لى الذى اتمنى وجودة دائما فى مدونتى المتواضعة والتى اسعد دائما بزيارتها هى وجميع الاصدقاء الذى يرفع من حالتى النفسية ويهون ما نراة هذة الايام وعلى فكرة زهرة ترسل لكى كثير السلام

      حذف
  8. http://www.facebook.com/groups/157005144452660/

    ردحذف