وطلب (صلاح) من (احمد) اخو (منى) ان يأخذها معه, لزيارة اهلها, وعندما رأت (منى) امها, ارتمت فى حضنها وبكت بحرقة, وقصت على امها ما حدث معها, وقالت (منى): انا للأسف متزوجة من طفل امه, انه يهابها كالاطفال, ولا يراعى شعورى وحزنى كزوجة مسئولة منه, فاخيه لا يسمح لها ان تتدخل فى حياتهم هكذا, وطول الوقت يسخروا منى ومن زوجى لدكتاتوريتها علينا, تخيلى يا امى انها معها نسخة من مفتاح المنزل تفتح علينا وقتما تشاء, واذا وجدت الباب مغلق من الداخل تخبط بعنف وتوبخنا على غلقه, وكل ساعة تتهمنى بتأخر الحمل وتطلب منى اكشف, ماذا افعل يا امى؟!!!
هدأتها امها وقالت لها: تحملى يا ابنتى واصبرى, واذهبى مع (تهانى) زوجة
اخيكى الى الدكتورة التى تتابعها فى حملها, يمكن لما تجدك حامل تحبك وترضى عنك, هيا
يا ابنتى توضأى وصلى ركعتين, واذهبى مع زوجة اخيكى....
وفعلت (منى) ما طلبته منها امها,
وذهبت الى الطبيبة فى القرية, وبعد الكشف عليها, قالت لها: الحمد لله, ليس لديكى
اى مانع للحمل, وعلى فكرة لا داعى للقلق, ثلاثة اشهر ليس بكثير حتى نقلق, انتظرى,
وان شاء الله سوف يحدث حمل عن قريب, اهم شئ الحالة النفسية, واشغلى نفسك بأى شئ
اخر, لان القلق عامل نفسى قوى لمنع حدوث حمل....
شكرتها (منى) وانصرفت, ورجعت الى امها سعيدة, فوجدت امها حضَرت لها ما لذ
وطاب لتحمله معها الى حماتها....
وكانت هذه الزيارة لها الاثر الطيب على (منى), كونت جبهة من الانقاذ من (احمد)
اخيها وزوجته, طبقا لوصية ام (منى) لا يتركوها, ويساندوها على استذكار دروسها,
وانضمت لهم الدكتورة (نفين) وزوجها, يمدونها بالملخصات, وشرح المستعصى عليها فهمه,
ومع الوقت انضمت لهم (ام عبده) تجهز ل(منى) مستحضرات الطعام حتى تنتهى من الطعام
فى اسرع وقت ممكن, وتتجنب غضب حماتها....
وتحسنت حالة (منى) بقرب هذه الجبهة
منها, ومع اقتراب الامتحانات, انضمت الى هذه الجبهة (سعاد), وكان دورها الوقوف فى
وجه حماتها, اذا اقتربت من (منى) لتحطم حماسها....
وكان (صلاح) فى ذلك الوقت من المتفرجين من بعيد, حتى لا يغضب امه....
وكانت ايام الامتحان متعبة ومرهقة على (منى), لكنها كانت سعيدة, لما وصلت
اليه, واعتبرت نفسها فى مرحلة جهاد لمستقبل افضل, ورغم كل الاحتياطات التى اخذت
على عاتقها جبهة الانقاذ, لكن كانت هذه الحماة ترميها بكلمات مثل طلقات الرصاص,
ولكن ايمانها بربها كان يزيدها حماسا, حتى انتهت الامتحانات بسلام....
وبدأت حماتها تعايرها بتأخرها فى الحمل, وترميها بالعاقر, فاطلعتها بحديث
الطبيبة, لكنها قالت لها: كيف اثق فى كلام طبيبة من قريتكم؟ لابد ان تذهبى معى الى
طبيبة اعرفها, واثق فى كلامها....
ردت (منى) بالموافقة, وذهبت معها الى الطبيبة, وقالت الطبيبة: مدام (منى)
ليس لديها مانع للحمل وامورها على ما يرام, ولا داعى للقلق, ممكن الاستاذ (صلاح)
يكشف هو الاخر؟...
وقبل ان تنتهى من كلمتها الطبيبة, حتى غضبت ام (صلاح) وقالت: لا اسمح لكى
ان تنطقى بهذ ا الكلام عن ابنى, هو احسن راجل فى الدنيا....
وخرجت من العيادة وهى فى قمة غضبها,
وتتوعد للطبيبة بانها ستدعى عليها, و (منى) لم تستطع عمل شئ, غير انها دخلت منزلها
وهى ترتجف خوفا منها... وانتظرت الام قدوم (صلاح), وعندما حضر, وحكت له امه ما حدث
عند الطبيبة, فدخل بيته غاضبا, واخذ ينهر (منى) كأنها هى السبب!!! وبدل ملابسه وترك
البيت ليبيت عند امه, وترك (منى) تبيت لوحدها....
واستمر على هذا الحال حتى زارتها
الدكتورة كعادتها للسؤال على (منى) والاطمئنان
عليها, وحكت لها ام (صلاح) عن كلام الطبيبة, فأيدت الدكتورة (نفين) كلام طبيبة
النساء, فثارت عليها ام (صلاح) وشبه طردت الدكتورة (نفين) من بيتها, وسمعت (منى)
اهانتها للدكتورة, فاخذت تعتذر لها, وتتوسل لها ان تبقى ولا تذهب, لكن الدكتورة (نفين)
شعرت باهانة كبيرة, وقالت ل(منى) قبل رحيلها: لن احضر هنا مرة اخرى, واذا اردتى
رؤيتى احضرى عندى, لأطمئن عليكى....
وما ان سمعت ام (صلاح) الحديث, الذى دار بين (منى) والدكتورة (نفين), حتى انقضت
على (منى) ومسكتها ومن شعرها, وضربتها بدون رحمة او شفقة, و(منى) تصرخ, حتى سمعتها
(سعاد) وخلصتها من ايدى حماتها, وفى ذلك الوقت وصل (صلاح) من الخارج وقالت له امه وهى
فى قمة غضبها: اطرد البنت دى من البيت, وطلقها, لن ارضى عنك اذا بيتها ليلة واحدة
فى البيت....
فنظر لامه وجد عينيها تطق من الشر وانفاسها متلاحقة, ونظر ل(منى) وجدها
منكوشة الشعر ويسيل الدم من وجهها وتبكى بحرقة, فطلب من امه ان تهدأ, لكنها كانت مصرة على طلبها,
فقال وهو يهدأ امه: اهدأى يا امى وحانفذ لكى ما تريدين!!!
نظرت اليه (منى) وتماسكت ولملمت
جراحها, واستندت على (سعاد) واتجهت الى بيتها, لكن سمعت حماتها تنهرها وتقول: لا تدخلى
البيت, ولا تأخذى شئ معاكى, هيا يا ابنى اطردها بالجلباب الذى ترتديه, اخرجها فورا
الان!!!
نظرت (منى) لزوجها حتى ينطق بكلمة واحدة لكن للاسف انصرف من امامها, فتشجعت
ونزلت من البيت, وهى فى اشد ايلامها وحزنها, وسمعت (سعاد) تدعى على حماتها وتقول: منكم
لله...
واوقفت (منى) عربة اوصلتها الى اخيها (احمد), الذى صُدم عندما رآها وطلبت
منه ان يوصلها الى امها فى القرية, ويطلقها من (صلاح)....
وبالفعل اوصلها الى امها وطُلقت (منى)
من (صلاح), واغلقت احزانها على نفسها, حتى ظهرت نتيجة الثانوية العامة, بنجاح (منى)
بمجموع عالى, وهذا النجاح كسر حدة الحزن, لكن قلبها كان مكسور ومجروح لما حدث فى
ستة شهور, وكانت الدكتورة (نفين) تزورها من وقت الى اخر....
ومرت ستة شهور اخرى على (منى), وهى بدأت تعتاد على وحدتها, كلما دعاها اخوها
(احمد) الى التنزه فى مكان ترفض, واستقبلت مولود اخيها (رياض) وشاركت (تهانى) فى
تربيته....
وفى يوم, حضرت الدكتورة (نفين) وعرضت على (منى) عريس ابن خالتها دكتور فى
القلب, ارمل ولديه طفل عمره ستة شهور, ويعيش فى الخارج, وحدثته عن (منى) وطلب منها
ان يراها, وقالت لها: اتعهد لكى بان لن تندمى, اذا وافقتى على رأيته...
جلست (منى) تفكر قليلا وقالت: نعم
اوافق على الجلوس معه....
وحضرت الدكتورة ومعها الدكتور (معتز) ويحمل معه طفله الصغير (رامى), نظرت (منى)
الى الدكتور (معتز) وجدته رجل تعدى الثلاثين, خمرى له ملامح طيبة وشعر كثيف, وما
ان اقتربت منه حتى ارتمى عليها الرضيع (رامى) وهو يتمتم:مم مم...
فاحتضنت (منى) (رامى) وقالت: اوافق
على هذا الزواج....
قال الدكتور (معتز): هأمن لكى مستقبلك بمبلغ فى البنك باسمك, ولكى ان
تختارى من اشيك جواهرجى الشبكة التى تريديها....
وفى اثناء التجهيز للاوراق المطلوبة للسفر مع زوجها, كانت ترافقها الدكتورة
(نفين) فى سيرها فقالت لها: ممكن اعرف رأيك فى الدكتور (معتز)؟؟؟
قالت لها (منى): قبل ان تحضرى وتحدثينى عن الدكتور (معتز), رأيته فى المنام
هو و(رامى), وانا اسير معه فى طريق مفروش بالورد والنور, وكنت ارتدى الفستان
الابيض وسعيدة, فحضنتها الدكتورة (نفين) وهى فرحة وتقول ان شاء الله كل ايامك تكون
سعادة وسرور....
وانتهت الاوراق المطلوبة, وسافرت (منى) بعد ما لبست الفستان الابيض مع زوجها
الدكتور (معتز)...
وقدم لها فى الجامعة فى الخارج, ومرت السنين وهى ترفرف السعادة عليهما,
واصبحت زميلة لزوجها صاحب اكبر مستشفى للقلب فى لندن, واصبح لديهما ثلاثة ابناء,
ولدان غير (رامى) وبنت, وتلقوا دعوة من نقابة الاطباء بالقاهرة لزيارة القاهرة
اسبوع, وعند وصولهما مع اولادهم مطار القاهرة, استقبلهم الصحفيون وطاقم من اطباء
القلب, وسجل معهما التليفزيون المصرى اللقاء, الذى نوه عنه قبل حضورهما باسبوع....
وكانت على الجانب الاخر التى تشاهد
التلفاز ام (صلاح) التى تسببت لابنها (صلاح) فى ازمة نفسية, من اثار زواجه من امرأتين
بعد (منى), واصبح لا يفيق من شرب الخمر, وما ان رأت (منى) اصيبت بالحسرة وتعض على
يديها ندما على ما اصاب ابنها, ولكن اراد ربنا ان يطلعها على نصرة (منى) بعائلتها
الجديدة....
انتهت القصة, وارجو من يقرأها ان يدعو لى بالشفاء من الضغط العصبى الذى
لازمنى فى كتابتها, لانها اكثر قصة تعبتنى نفسيا..... شكرا لكم